تايمز:السعودية رفضت طلب صالح مساعدته للبقاء في السلطة وتبذل جهودا لتأمين خروجه بشكل مشرف
كشفت صحيفة النيويورك تايمز ان السعودية رفضت طلب المساعدة الذي قدمه وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي على هامش زيارته إلى رياض خلال الأسبوع الماضي، كما كشفت وجود خلافات بين المملكة وواشنطن حول ملف اليمن على خلفية غضب السعودية من تعامل واشنطن مع الملف المصري.
وكان وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي زار الرياض يوم الاثنين 21 مارس، بشكل عاجل حاملاً رسالة من الرئيس صالح للعاهل السعودي الملك عبدالله، جاء ذلك مباشرة عقب تصاعد الأزمة اليمنية باعلان القائد العسكري المؤثر علي محسن تأييده لشباب الثورة السلميين ظهر اليوم نفسه.
وفي مساء ذلك اليوم اشيع- بشكل غير رسمي- ان الرياض لبت طلب المساعدة التي تضمنتها رسالة صالح، وان الملك عبدالله ابدى تأييده الكامل للرئيس اليمني، الا ان الموقف السعودي لم يكن قد اعلن بشكل رسمي.
لكن الموقف بدأ يتضح لاحقاً بشكل تدريجي. وبعد ايام قليلة من الزيارة، ألمحت معظم الصحف السعودية بما فيها افتتاحيات لصحف عرف قربها من الديوان الملكي السعودي، حقيقة الموقف السعودي الذي جاء مناقضاً تماماً لما اشيع من تأييد ملكي للرئيس صالح، وتعزز الامر اكثر عبر تصريحات صحفية لصحفيين مقربين جداً من الديوان الملكي، ومعهم دبلوماسيين سعوديون- لم تذكر أسماءهم- وجميعهم تحدثوا عن عدم وجود اي دعم سعودي للرئيس صالح، بل على العكس من ذلك تحدث البعض عن قرب انتهاء او انهيار نظام صالح، مطالبين بشكل واضح بضرورة رحيله.
دبلوماسيون يكشفون حقيقة الموقف السعودي
والاثنين الماضي (28 مارس) قالت صحيفة النيويورك تايمز انه (اذا كان السيد صالح يأمل المساندة من جارته السعودية العربية التي أرسلت قوات عسكرية لمساندة وتقوية حليفتها وجارتها البحرين، في وقت سابق من هذا الشهر، فانه من غير المحتمل ان ينجح في ذلك.
ونسبت الصحيفة لمصدر دبلوماسي عربي- قالت انه طلب عدم نشر اسمه- قوله ان السعوديين يبذلون جهوداً كبيرة لتأمين “خروج مشرف” من السلطة لصالح، كما كشفت الصحيفة عن رفض السعوديين طلب المساعدة الذي قدمه وزير الخارجية اليمني ابو بكر القربي على هامش زيارته الى رياض خلال الأسبوع الماضي.
وأضاف الدبلوماسي “ان السعوديين لم ينسقوا مبادراتهم وتحركاتهم في الملف اليمني مع الأمريكيين، وذلك جزئياً بسبب غضبهم من الطريقة التي تعاملت بها الولايات المتحدة مع سقوط الرئيس المصري حسني مبارك”.
وأضافت “يبدو ان السعوديين اليوم أكثر اقتناعاً بأن الرئيس صالح يجب ان يرحل”.
وكشفت بأن “السعوديين اجروا محادثات مع القبائل اليمنية في المحافظات الجنوبية، خلصت الى ضرورة ان تقوم تلك القبائل بتوفير الحماية الأمنية اللازمة وهو الأمر الذي جعلهم يؤمنون بأن السيد صالح “اصبح بلا ريب جزء من المشكلة بحسبما اكد المسئول الدبلوماسي، الذي اضاف “لقد بات من الواضح ان حكومته تقترب من نهايتها، ويجب ان يكون هناك مخرج سريع”.
ما يقلق الرياض أكثر
وتقول الصحيفة ان السعوديين وبشكل خاص قلقون أكثر بشأن ما آلت إليها الأوضاع الأخيرة على حدودهم في شمال اليمن، حيث ان المتمردين الحوثيين- الذين حاربوا الحكومة اليمنية لسنوات بشكل متقطع- احتلوا عاصمة محافظة صعدة اليمنية للمرة الأولى الثلاثاء الماضي.
وقال شاهد عيان ان المتمردين سيطروا عليها بدون مقاومة تذكر.
وطبقاً لشهود عيان في صعدة- بحسب الصحيفة- فقد هرب محافظ صعدة ونائبه وغيرهم من المسؤولين في المحافظة على متن طائرة عسكرية الأربعاء مع حمولة لسيارة شحن مليئة بالعملة المحلية من البنك المركزي في صعدة.
وبحسب الصحيفة: “أضاف شهود عيان بان المتمردين الحوثيين المدججين بالسلاح سمحوا بحدوث ذلك”، كما عزز شهود العيان الاعتقاد السائد بقوة الذي يقول بأن سيطرة المتمردين جاء وفق عملية تنسيق مع حكومة الرئيس صالح.
وبحسب مسئول يمني رفيع المستوى- تحدث بشرط السرية- فان “لجنة محلية شكلت مكونة من ممثلين عن المقاتلين الحوثيين والجنود الموالين لقائد عسكري يمني كبير، وزعماء قبليين، واتفقوا على تسمية فارس مناع، تاجر السلاح الشهير، كمحافظ لمحافظة صعدة”.
وقالت الصحيفة ان شهود عيان محليين ومسئولاً حكومياً، اكدوا ان “المتمردين الحوثيين وبدعم مباشر من رجال القبائل نجحوا في طرد جميع المسئولين الحكوميين من مديريات الجوف الواقعة شرق محافظة صعدة”.
انسحاب الأمن من ابين
وفي السياق، نقلت الصحيفة على لسان مسئول يمني رفيع المستوى تعليقاً قال فيه: “للأسف ما يجري الان يمزق البلد”. وكان يتحدث حول الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها اليمن خلال اليومين الأخيرين بما فيها ما حدث في صعدة وفي محافظة ابين التي شهدت انفلاتاً امنياً غير مسبوق ادى الى سيطرة مسلحين على مصنع ذخيرة حكومي والإذاعة وبعض المؤسسات الحكومية، عقب انسحاب مفاجئ لقوات الأمن وترك الفوضى تسود في المحافظة.
وانفجر مصنع الذخيرة الاثنين الماضي، في ابين، مما ادى الى وفاة ما لا يقل عن 110 مواطناً واصابة المئات، جاء ذلك بعد يوم واحد من مغادرة الحراسة الأمنية لمواقعها في حراسة المصنع، وتركة لمسلحين قاموا بنهب محتوياته من الأسلحة الثقيلة والمعدات العسكرية. بحسب ما اكده اشخاص في المنطقة وجاء ضمن تقرير النيويورك تايمز.
وكان تقرير الصحيفة الأمريكية الشهيرة، بدأ بالتطرق لحادث انفجار المصنع المذكور. الذي اعتبرته يعمق من تعقيدات الأزمة السياسية، ويؤكد السقوط المدوي والمشئوم للسلطة بعد ستة أسابيع من الاحتجاجات المتصاعدة.
وقالت الصحيفة، نسبة لشهود عيان ومسئولين يمنيين، انه وفي الأيام الأخيرة لوحظ تخلي القوات الحكومية عن مواقعها في جميع انحاء البلاد، بما في ذلك تلك المناطق الشمالية التي واجه فيها المتمردين الحوثيين تحدياً عسكرياً لمدة طويلة، وكذا في المحافظات الجنوبية حيث حافظ عليها فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية كملجأ آمن.
فوضى صالح للتمسك بالسلطة
واذ قالت الصحيفة ان الرئيس صالح اخبر لجنة من حزبه السياسي ان 6 محافظات في اليمن “قد سقطت” الا ان بعض المسئولين وبعض المحللين اليمنيين قالوا “ان انسحاب الحكومة، وادعاء صالح الدرامى، ربما يكون جزيئاً على الاقل بمثابة الحيلة لتحذير مؤيديه في الغرب والعالم العربي بالعواقب المحتملة اذا ما غادر السلطة، وفي السياق اضافت الصحيفة قائلة: غالباً ما رفع الرئيس اليمني من شأنه باعتباره البديل الوحيد للفوضى او التطرف على غرار تنظيم القاعدة.
وذهبت الصحيفة للقول” ان حكومة صالح تواجه فعلاً تحديات حقيقية، بيد انه ليس من الواضح لتحقيق مكاسب سياسية ام لا، لكن المؤكد ان مظاهرات ضخمة في مختلف مدن اليمن قد ارهقت كاهل الدولة اليمنية الهشة ومقدراتها، الأمر الذي دفع بضباط الشرطة والجنود لأن يعودوا من مراكز المدن واختبار ولائهم.
واعتبرت الصحيفة ان الشيء الوحيد الواضح هو ان احزاب المعارضة في اليمن، فضلاً عن مجموعات من الشباب الأقل تماسكاً قادت الاحتجاجات التي تعارض سياسة صالح، جميعهم يعتقدون ان الفوضى والعنف ليست اكثر من ذريعة سياسية مكشوفة.
– الترجمة خاصة بالمصدر اونلاين
نقلا عن صحيفة الأهالي